إن اتجاه المجتمع اليوم بتقييم الفرد فيه على حسب الأشياء التي يملكها وقيمتها
السوقية؛ أصبح أحد المعايير الأساسية في العلاقة بين أفراد المجتمع، مما يؤدي بطبيعة
األمر إلى أن ينظر الفرد إلى نفسه بحسب الأشياء التي يمتلكها، والتي تعبر عن وجوده،
وهو بذلك يقيم نفسه باعتباره شيئًا ماديًا وليس كإنسان …
والأمر الذي يدعو إلى الاستغراب أن الأشياء التي يتم تقييم الفرد من خلالها تكتسب قيمتها
من نفعها، بل إن الأشياء الأعلى سعرا هي الأعلى قيمةً، ومع الأسف يتحول الأمر من امتلاك
الإنسان للشيء إلى امتلاك الشيء للإنسان؛ لأنه ببساطة لن يكون لوجوده معنىً بغير
وجود أشيائه …
نعم يا سادة إنها صناعة الواقع الجديد الذي يريده من يمسكون بزمام الإعلام، يصنعونه
لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية وعقدية، إنها الحرب الجديدة، والعبودية الجديدة، واقع
مزيف لا علاقة له بالحقيقة، يعبث بنا وبأبنائنا، يعبث بأفكارنا وتصوراتنا عن الله تعالى
وعن الحياة التي نعيشها مستمدةً من الإسلام …
الإعلام يروج للإلحاد باسم حرية الرأي …
ويروج للعري والجنس باسم الفن …
ويروج لانتشار الظلم باسم طاعة ولي الأمر …
الإعلام يحول الرغبات إلى حاجات أساسية ال يمكن االستغناء عنها.
الإعلام ينشر العنف ويعلم الجريمة تحت مسمى الآكشن والتشويق
وجرائم الإعلام لا تكاد تنتهي، يُدخلنا في واقع مزيف مصنوع بعيد عن الحقيقة، ويقلب
حياتنا رأسًاىلع عقب …
يُقال: إن رجلاً خرج من بيته ليكتسب أصدقاء بنفس الطريقة التي يصل إليهم بها في
الفيسبوك … وبالفعل حصل على ثلاثة أصدقاء مباشرة: اثنين من الشرطة وواحد معالج
نفسي …
يقول أحد الأزواج: جاءني طلب صداقة من زوجتي على موقع الفيسبوك، وجَّهتْ زوجتي إليَّ
هذا الطلب وهي جالسة في الغرفة المجاورة، فاستغربتُ جدا !! زوجتي تسأل ما إذا كنت
أقبلها صديقةً !!!
وعندما سأل زوجته: هل من المعقول أن تطلبي صداقتي على الفيسبوك ونحن نعيش تحت
سقف واحد ؟؟ فأجابت الزوجة المسكينة: نعم وإن كنّا نعيش تحت سقف واحد إلا أنني لا
أستطيع التواصل معك إلا إذا دخلتُ إلى عالمك الخاص الذي أستطيع من خلاله التعرف على
آرائك وأفكارك لأنك لا تجد الوقت لعرضها لي في الواقع الحقيقي.
كنّا سابقًا نعترض على أبنائنا بسبب ضياع الساعات الطوال من الوقت في مواقع التواصل
الاجتماعي … واليوم مع الأسف ضياع الوقت بساعاته الطويلة الممتدة هو أقل الخسائر أمام
الطامات األخرى التي تحل بأبنائنا …