تأملوا ما قاله نابليون، يقول:
لا يوجد إلا شكل واحد جادٌّ من أشكال البلاغة، هو: التكرار ….
كلمة عميقة جدا، تعني: إن تكرار مثل هذه الصور والأنماط والشخصيات يوميًا على سمع
وبصر الناس يجعلهم يعتقدون أنها حقيقية، وأنها هدف لحياتهم، فيسعون لتحقيقها ….
فإذا أردتَ جيلاً بعيدا عن الحقيقة، جاهلًا بدينه وسبب وجوده؛ كرِّر عليه من خلال هذه
الأفلام شخصية الرجل العصري الجذاب الرومانسي القوي البنية الأنيق الجميل الخفيف الظل
الذي لا يعرف المستحيل وإلى جانب ذلك يشرب الخمر، ويقيم العلاقات المحرمة مع الجنس
الآخر، ويقتل بسلاحه دون أن تهتز شعرة من جسده ثم ينام ملء جفونه دون أي إحساس …
نعم كرر هذه الشخصية في الأفلام يوميًا لتحصل على جيلٍ كامل بهذه الصفات الحيوانية …
طبّق قاعدة التكرارهذه على الفتيات ولباسهن وزينتهن وعالقاتهن لتحصل على نفس
النتيجة …
أيها الإخوة والأخوات هل ما نقوله وهم؟!!، أو هو حقيقة نشاهدها يومياً في المجتمعات التي
نعيشها، بل نشاهدها في بيوتنا تتربى في أحضاننا ؟!!!
يقول أحد أشهر الممثلين في العالم: أريد أن أحدثكم عن صناعة السينما، إنها صناعة خفية
لها شروط سرية، إنها صناعة غير واضحة ولا صريحة، ولذلك فأنا أشعر أني مخادع لجمهوري،
وأنا أقول لكل مَن يعرفني: لا تحاول أن تكون صورة أنت لا تريدها لأن أحداً قال لك يجب أن
تكون على هذا الشكل، هذه الأشكال في الحقيقة مجرد هراء، كن أنت كما تريد أن تكون.
إنها عبودية جديدة أيها الإخوة أبشع من العبودية القديمة؛ في العبودية القديمة يضع
غيرك الغل في عنقك ويديك؛ لكن يبقى تصورك صحيحًا عن الحرية، وأما في العبودية
الجديدة تضع الأغلال في عنقك بيدك وتظن نفسك في أعلى درجات الحرية والعصرية
والتقدم …
في الواقع الافتراضي يتحكمون بشكلك وأفكارك ومشاعرك وعلاقاتك وأحاسيسك
وخصوصياتك …
في الواقع الافتراضي المصنوع مجتمع أخذ كل تصوراته عن الحياة من الإعلام، يعيش أفراده
حالة عجيبة من الخيال والاواقعية ، وكل مَن يشذ عن هذه املنظومة يسمى رجعيًا متخلفًا
غير عصري …
هناك رأي عام يجب أن تكون عبداً له، تطيعه ولا تعصيه، تسجد عند قدميه طاعةً وخضوعًا؛
وإلا فتهمة التخلف جاهزة لك …
لقد أصبح الرأي العام الذي صنعه الواقع االفتراضي المزيف إلهًا يعبد من دون الله تعالى،
يُترك أمر الله من أجله …
ونقصد بالرأي العام هنا هو نمط المعيشة، ومجموعة الأفكار والمعتقدات التي صنعها الواقع
الافتراضي وأقنع الجماهير أن يلتزموا بها …
فمثلاً يروج الرأي العام من خلال وسائل الإعلام إلى لبس الثياب الممزقة التي نشاهدها على
أبنائنا فيُطاع دون نقاش …
يأمر بتصفيفات شعر معينة للشباب والبنات تحت مسمى الموضة فيطاع دون نقاش
يأمر باقتناء موبايل جديد مع أن القديم بحالة جيدة، وسيارة معينة مع أن القديمة ممتازة،
بلباس جديد، بفرش بيت جديد … وهكذا أشياء وأشياء تستهلك أموالنا وحياتنا دون أي مبرر
معقول سوى طاعة الرأي العام، ومن يخالف يعاقب بتهمة التخلف والرجعية …