لاشك في أن المعلم يحظى في فكرنا التربوي الإسلامي بمنزلةٍ رفيعةٍ، ومكانةٍ ساميةٍ؛ جعلت منه وريثاً شرعياً للأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) في أداء رسالتهم الخالدة المتمثلة في هداية الناس وتعليمهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور. وقد أشارت مصادر فكرنا التربوي الإسلامي إلى كثيرٍ من النصوص والشواهد التي تُنوه بفضل المعلم؛ وتُشير إلى كثيرٍ من صفاته وخصائصه التي تُميزه عن غيره، وتُكسبه هويته الإسلامية المتميزة.

: ومن أبرز هذه الصفات والخصائص ما يُمكن أن نسميه (الصفات الخُلُقية والسُلوكية) التي نُجملها في ما يلي:

-أن يكون المعلم مُخلصاً في قوله وعمله ونيته: ومعنى ذلك ألا يقصد المعلم بعلمه وعمله غير وجه الله سبحانه، طاعةً له وتقرباً إليه. كما يستلزم الإخلاص أن يبذل المعلم قُصارى جهده للإحاطة بمختلف الجوانب التربوية والتعليمية التي تجعل منه معلماً ناجحاً، متصفاً بالإخلاص في السر والعلن.

-أن يكون متواضعاً لله عز وجل؛ فلا يُصيبه الكبر ولا يستبد به العُجب؛ لما أوتي من العلم؛ فإن من تواضع لله رفعه؛ ولأن المعلم متى تحلى بالتواضع وقف عند حده، وأنصف غيره، وعرف له حقه، ولم يتطاول على الناس بالباطل.

-أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، متصفاً بالعقل والروية، وحُسن التصرف، والحكمة في أمره ونهيه؛ لأن ذلك كله نابعٌ من حرصه على حب الخير للناس، وحرصه على دعوتهم إلى الخير والصلاح.

-أن يكون حسَن المظهر جميلَ الهيئة؛ إذ إن لشخصية المعلم وهيئته تأثيراً بالغ الأهمية في سلوك الطلاب وتصرفاتهم الحالية والمستقبلية، ثم لأن العناية بالملبس وأناقته هام للمعلم حتى ترتاح لرؤيته العيون؛ وتسعد به النفوس، ويتأثر به الطلاب في هذا الشأن.

-أن يكون صابراً على معاناة مهنة التعليم ومشاقها؛ قادراً على مواجهة مشكلات الطلاب ومعالجتها بحكمةٍ وروية؛ دونما غضبٍ، أو انفعالٍ، أو نحو ذلك.

-أن يكون مُحباً لطلابه مُشفقاً عليهم، مُتفقداً لهم في مختلف أحوالهم، مشاركاً لهم في حل مشكلاتهم حتى تنشأ علاقة قوية وثيقة بينه وبينهم؛ تقوم على الأخوة والحب في الله تعالى.

-أن يكون عادلاً بين طلابه؛ متعاملاً معهم بطريقةٍ واحدةٍ يستوي فيها الجميع؛ فلا فرق عنده بين غنيٍ وفقير، ولا قريبٍ ولا غريب.. ثم لأن العدالة صفةٌ لازمةٌ ينبغي للمعلم أن يتحلى بها وأن يمارسها مع جميع طلابه؛ فيعُطي كل طالب من طلابه حقه من الاهتمام، والعناية، والدرجات، ونحو ذلك دونما ميلٍ أو محاباةٍ أو مجاملةٍ لطالبٍ على حساب الآخر.

وختاماً؛ فإن خلاصة الصفات الأخلاقية والسلوكية السابقة يمكن أن تجتمع في ضرورة أن يكون المعلم قدوةً حسنةً في قوله وعمله؛ وسره وعلنه؛ وأمره ونهيه؛ وجميع شأنه لأن القدوة الحسنة هي جماع الصفات الأخلاقية والسلوكية اللازمة للمعلم؛ وخير ما ينبغي أن يتحلى به من سمات وصفات؛ ثم لأن طلابه يعدونه المثل الأعلى لهم فهم يقلدونه ويتأثرون به في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ من حيث يشعرون أو لا يشعرون؛ فكان واجباً عليه أن يكون قدوةً حسنةً في إخلاصه وتواضعه، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وقدوةً حسنةً في حُسن مظهره، وصبره على طلابه، وحبه لهم، وشفقته عليهم، وعدله بينهم